اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 222
دعوتنا فى كتاب الله
من سنن الله فى تربية الأمم (1)
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة: 214].
[سبب نزول الآية]
قال قتادة والسدى: نزلت هذه الآية فى غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد وشدة الخوف والبرد وضيق العيش وأنواع الأذى، وقيل: نزلت فى حرب أحد.
وقال عطاء: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة اشتدّ عليهم الضر، لأنهم خرجوا بلا مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدى المشركين، وآثروا رضا الله ورسوله، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسرّ قوم النفاق، فنزلت الآية الكريمة تطييبا لقلوب المسلمين.
وأيّا ما كان سبب النزول فإن الآية الكريمة تقرّر سنة من سنن الله فى حياة الأمم.
[الأمة بين طورين: طور القوة، وطور الضعف]
وذلك أنّ كل أمة بين طورين لا ثالث لهما، يخلف كلّ منهما الآخر متى توفّرت دواعيه وأسبابه، هذان الطوران هما طور القوة وطور الضعف.
فالأمة تقوى إذا حدّدت غايتها، وعرفت مثلها الأعلى، ورسمت منهاجها، وصمّمت على الوصول إلى الغاية، وتنفيذ المنهاج ومحاكاة المثل مهما كلفها ذلك من تضحيات.
إذا صدقت عزيمة الأمة، وقويت إرادتها فى ذلك، فقد قويت قوة مطّردة، لا تزال
(1) نشرت فى مجلة (جريدة الإخوان المسلمين) الأسبوعية فى العدد (7) الصادر فى 5 من ربيع الأول سنة 1355 هـ- 26 من مايو سنة 1936 م.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 222